القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
تفاسير سور من القرآن
73973 مشاهدة
الطلاق بيد الرجل

...............................................................................


كذلك جعل الطلاق في يد الرجل حكمته بالغة واضحة لا إشكال فيها؛ لأن القرآن بين أن النساء وإن كن في غاية الكرامة على أزواجهن وعلى أسرهن، وهن في المنزلة العليا التي جعلها الله لهن، من أنهن يكفين جميع الحقوق، ويكفين جميع المؤونات، ويصن أكرم الصيانة وأعزها، وألا يبذلن لضياع شرفهن ولا مروءتهن.
هن على ذلك مزارع تزرع فيها النطف حتى تستحصد ويأخذها صاحبها؛ فتثمر النطفة في رحم المرأة. ثم تلدها فيأخذها صاحبها الذي زرعها وهو الرجل، ويقال: هذا ابن فلان. والله يقول: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ .
وإنما سمى النساء حرثا؛ لأن طبيعة الحال والأمر الواقع هو يقتضي ذلك بلا شك ولا ريب؛ لأن آلة التناسل والازدراع هي مع الرجل؛ فلو أرادت المرأة أن تأخذ حملا من الرجل، وأن تجامعه فتحمل منه وهو كاره؛ فإن ذكره لا ينتشر إليها، ولا تقدر أن تأخذ منه شيئا.
بخلاف الرجل فعنده آلة النسل وآلة الازدراع؛ فهو فاعل بطبيعة حاله وهي مفعول بطبيعة الوضع الذي خلقها الله وجبلها عليه؛ فالرجل قد يجامعها راغمة مكرهة وتلد ولدا يكون هو خير الدنيا والآخرة عليها وإن حملت به كرها وإرغاما غير راضية.
أما الرجل فلا تكاد المرأة أن تحصل منه على حمل وهو كاره أبدا؛ لأنه إذا كان غير راغب في ذلك لا ينتشر ذكره، ولا يقوم إليها ولا تقدر منه على شيء؛ فتبين أنه فاعل بطبيعة الحال والجبلة الخلقية، وأنها مفعول به بالطبيعة التي خلقها الله وجبلها عليها كما قال: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ لأنه يحبلها وهي كارهة؛ كما قال أبو كبير الهذلي في ربيبه تأبط شرا
ممـن حملـن بـه وهـن عواقــد
حبـك النطاق فشـب غـير مغـبر
يعني حبلت به أمه وهي عاقدة حبك نطاقها، شادة إزارها، ممتنعة من أن تحل الإزار فقد أكرهت على ذلك الجماع الذي حبلت منه.
ولأجل هذا إذا كان الرجل فاعلا والمرأة مزدرع ليس من العقل، ولا من الحكمة أن نقول للإنسان لا رغبة له في الازدراع في حقل: لا بد أن نرغمك على هذا الحقل والبقاء معه وأنت لا رغبة لك فيه.
والرجل لم يفن من جمال المرأة شيئا، إنما أفنى جمالها الليالي والأيام:
أفنــاه قيـل اللـه للشمـس اطلعــي
فالرجل لم ينقص من جمالها شيئا، وإنما نقصه الله بطول عمرها. والمدة التي مكث معها هو قائم بجميع شئونها، وليس ملزما بالبقاء دائما عند حقل لا خير له فيه؛ فلو أرغم على البقاء معها دائما وهو كاره، لم تستفد منه شيئا، ولم تقدر أن تأتي منه بولد، ولا أن تحصل منه على شيء بخلاف الرجل .